حكم المنظمون الأوروبيون بأن سياسة شركة ميتا، التي تتطلب من المستخدمين دفع رسوم اشتراك شهرية لتجنب الإعلانات المستهدفة على فيسبوك وإنستغرام، غير قانونية.
اتخذ المجلس الأوروبي لحماية البيانات (EDPB) هذا القرار يوم الثلاثاء الماضي، مما أجبر الشركة الأم لفيسبوك وإنستغرام على مراجعة نموذجها الجديد لتحقيق الأرباح.
في ديسمبر الماضي، أعطت ميتا المستخدمين في الاتحاد الأوروبي والمنطقة الاقتصادية الأوروبية والمملكة المتحدة خيار الاشتراك في خدمتها بدون إعلانات مقابل دفع رسوم اشتراك شهرية تتراوح بين 9.99 و12.99 يورو شهريًا.
جاء ذلك بعد أن قررت محكمة العدل الأوروبية في يوليو الماضي أن ميتا لا يمكنها إجبار المستخدمين على الموافقة على استخدام بياناتهم للإعلانات المستهدفة، مما أثار جدلاً واسعًا حول سياسات الخصوصية للشركة.
قالت هيلينا دربيشوفا، العضوة في البرلمان الأوروبي، “هذا انتصار كبير لحقوق الخصوصية في الاتحاد الأوروبي. يجب على ميتا الامتثال للقوانين الأوروبية وحماية بيانات المستخدمين بشكل مناسب.”
أعربت ميتا عن خيبة أملها من القرار، مؤكدةً أنها ستستأنف الحكم وتعمل على إيجاد حلول بديلة. وقالت الشركة في بيان لها: “نحن ملتزمون بالامتثال للقوانين الأوروبية وسنواصل العمل مع الجهات التنظيمية لحل هذه المسألة.”
يؤكد هذا القرار على التحديات التي تواجه الشركات التقنية في التوازن بين تحقيق الأرباح وحماية خصوصية المستخدمين، ويشير إلى أن الاتحاد الأوروبي لا يزال مصمماً على فرض قوانين صارمة لحماية البيانات.
تفاصيل القرار والتداعيات
جاء القرار الأوروبي بعد سلسلة من الشكاوى من المستخدمين ومنظمات حقوق الخصوصية. وقد استندت الشكاوى إلى أن ميتا تفرض على المستخدمين اختياراً غير عادل بين دفع الأموال أو التنازل عن خصوصيتهم. وأوضح المجلس الأوروبي لحماية البيانات أن هذا النهج ينتهك قوانين حماية البيانات في الاتحاد الأوروبي، وخاصة اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR).
تشترط اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR) أن تكون موافقة المستخدمين على معالجة بياناتهم حرة ومبنية على علم مسبق، وليست مشروطة بتقديم خدمة معينة. ومن خلال فرض رسوم اشتراك لتجنب الإعلانات المستهدفة، اعتبرت السلطات الأوروبية أن ميتا تقوم بابتزاز المستخدمين للتخلي عن حقوقهم في الخصوصية.
يعتقد بعض الخبراء أن قرار الاتحاد الأوروبي قد يكون له تأثيرات بعيدة المدى على صناعة التكنولوجيا بأكملها. إذ يمكن أن يشجع هذا القرار دولًا أخرى على تبني سياسات مماثلة، مما يزيد من الضغط على الشركات التقنية لإعادة التفكير في نماذج أعمالها.
قال مايكل فيلدمان، خبير في قوانين حماية البيانات، “هذا القرار يشير بوضوح إلى أن الحكومات لن تتسامح مع محاولات الشركات الكبيرة للالتفاف على قوانين الخصوصية. إنه نداء استيقاظ للصناعة بأكملها.”
ردود الفعل والتوقعات المستقبلية
من المتوقع أن يكون لهذا القرار تأثير كبير على كيفية تحقيق ميتا للأرباح في أوروبا. تعتمد الشركة بشكل كبير على الإعلانات المستهدفة كمصدر رئيسي للدخل. ومن دون القدرة على استخدام بيانات المستخدمين بحرية، قد تجد الشركة نفسها مضطرة للبحث عن مصادر دخل جديدة.
من ناحية أخرى، رحبت منظمات حقوق الخصوصية بهذا القرار. قالت إيفا سميث، المديرة التنفيذية لمنظمة حقوق الخصوصية الأوروبية، “هذا القرار خطوة هامة نحو حماية حقوق المستخدمين في العصر الرقمي. نحن نأمل أن تتبع دول أخرى هذا المثال وتفرض قوانين صارمة لحماية البيانات.”
وفي ظل هذه التطورات، يتوقع أن تكون هناك تغييرات كبيرة في كيفية تعامل الشركات مع بيانات المستخدمين في المستقبل. قد تضطر الشركات إلى تطوير نماذج أعمال جديدة تعتمد على مبدأ الخصوصية أولاً، مما قد يؤدي إلى ابتكارات جديدة في مجال التكنولوجيا الرقمية.
في الختام، يشير قرار الاتحاد الأوروبي ضد نموذج ميتا للدفع مقابل الخصوصية إلى التزام واضح بحماية حقوق المستخدمين وتعزيز قوانين حماية البيانات. ويبقى السؤال الآن هو كيف ستتكيف ميتا والشركات التقنية الأخرى مع هذه التحديات الجديدة في السعي لتحقيق توازن بين الأرباح والخصوصية.